من طرف - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إبراهيم عيســـــــــــــــــــــــــــــــــي
إذا تأملت عددًا من قضايا الفساد التي يتم تداولها داخل المحاكم في الفترة الأخيرة ستكتشف أن
المتهمين فيها من مرتبطي الصلة ووثيقي العلاقة بالنظام الحاكم بل معظمهم إما كانوا وجوها تدير
العمل الإعلامي التابع للدولة أو ممولي النشاط الحزبي أو رموز المال في الحزب الحاكم أو ممثليه في مجلس الشعب والذين يا للعجب نجحوا نجاحًا قاطعًا في الانتخابات، ماذا يعني هذا كله؟ طبعًا سوف تسمع من يجلجل قائلاً: إن هذا كله شهادة لصالح النظام فها هو يحاسب ويحاكم رجاله ومهما بلغت مكانتهم لديهم ومكانهم عنده فهو لا يرحم الفاسدين، وإذا كنت عايز الحق فالنظام فعلا لا يرحم الفاسدين ولكن إذا تضاربت مصالحهم مع مفسدين أكبر، لا يرحم الفاسدين حين تزداد طموحاتهم وحين يحاولون اللعب علي الحبال فينتقلون من حبل مفسد مهم إلي حبل مفسد منافس في سيرك الحياة السياسية الذي لا فارق بينه وبين الغابة سوي الأقفاص التي تحمي المتفرجين، هنا يقرر النظام التضحية بالأرانب في الغابة حتي لا تعكر صفو العلاقة بين الثعالب، وفي لحظة ممكن جدا يطيح بالثعالب نفسها كي تقر أعين ومخالب الأسود، المدهش أنك تسمع من هؤلاء المتهمين بالفساد كلامًا حارًا يبدو صادقين فيه جدا عن كيف خدموا البلد وكيف ساهموا في عمل كيت وكيت وكيف شغلوا مئات العمال وفتحوا عشرات البيوت وكيف تبرعوا وأنفقوا وكيف مولوا حملات فلان وعلان في الحزب، ومع ذلك لا يمكن أن تسمع منهم أبدًا كلمة واحدة غاضبة أو ناقمة أو منفلتة عن النظام ورموزه أو كاشفة للمسئول العلاني أو الفلاني ولا ينطقون بمعلومة واحدة عمن تورط معهم ولا من أخذ منهم ولا من ساعدهم، ولا الشخص الذي شاركهم ولا هذا الذي فرض عليهم إتاوة أو عمولة أو شاركهم بالباطن ولا من شغلوا عياله وأصهاره عندهم، من المستحيل حين يقع الأرنب أو الثعلب في المصيدة، أن يقول لماذا جري ذلك ومن السبب، ومن المسئول!
إنهم فورًا يتلقون الرسالة ويعرفون متي داسوا علي اللغم، ويدركون تمامًا من الذي أوقع بهم ومن شريكهم أو سيدهم الذي رفض أن يحميهم، يعرفون كل هذا ولا ينطقون، يشعرون بالتعاسة وبخيبة الأمل وبالظلم، نعم يشعرون أنهم مظلومون جدًا وأن ما يحدث معهم ليس فيه ذرة عدل وإنصاف، نعم هذه مشاعرهم الصادقة والحارة ومشاعر كل من حولهم من أبناء وزوجات وأخوة، لكنهم جميعًا يكممون أفواههم عن النطق والبوح والغلط في الشخصية الفلانية أو العلانية والتي قالت لهم في التليفون (عشان بس تعرفوا حدودكم وتنصحوه يلم نفسه وميعملش كده تاني )، إذن عندما تتابع هؤلاء المتورطين في الفساد والمتهمين أمام المحاكم والموجودين في السجن أو الخارجين منه لا تتحصل منهم علي ملاعنة للنظام، بل العكس كل هؤلاء المتهمين تجدهم أحرص الناس علي إثبات وفائهم للعهد وتمسكهم بالإخلاص للنظام وكلهم يعربون عن حبهم العميق للحكم وإيمانهم المخلص بالحزب الحاكم وبعضهم من داخل السجن نفسه يصمم علي الهجوم علي المعارضة والمعارضين بمنتهي المغالاة حتي يبرئ ساحته أمام النظام من أي وشاية تقول إنه يبعبع هنا ولا هنا، أبدًا فهو حريص علي أن يكون نفاقه للرئيس وللنظام أعلي صوتًا وأكثر تطرفًا وأشد وضوحًا، فهو يدرك أن الذي سجنهم يمكن أن يفرج عنهم ويمكن أن يلاحقهم في سجونهم، ويمكن أن يجعل من سجنهم خراب ديار كذلك فيمنع بزنس عيالهم ويدغدغ مستقبل شركاتهم وتجارتهم، يدرك هؤلاء الفسدة ما يفعله الفسدة الأكثر نفوذًا ويعلمون يقينا أن هناك دائما الأسوأ فإنهم يلمون أنفسهم وعندما يصل إلي مسئول ما كلمة نقلاً عن فاسد سجين يُشتَمُّ منها رائحة أن السجين فلتت أعصابه وأنه (ممكن يلسن ويخرف في الكلام يا أفندم) فيرد عليه الأفندم (مستحيل أصله ذكي وفاهم لو قال حاجة ممكن يحصل فيه أكتر من كده مليون مرة، ثم لو راجل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ينطق!!) ولهذا فلا تتوقع أبدًا من هؤلاء الذين حاكمهم النظام ثم سجنهم أو سجنهم وحاكمهم سواء رجل الأعمال والنائب سين أو عين أو صاد أو هاء أن ينطقوا أبدًا!
